Ultimate magazine theme for WordPress.

الرباط تحتضن مباحثات مغربية-مالية تعزّز الشراكة وتستشرف آفاقًا واعدة للتنمية

في لقاء يعكس قوة الروابط التاريخية بينالمغرب و مالي ، احتضن مقر مجلس المستشارين بالرباط مباحثات جمعت نائب رئيس المجلس، لحسن حداد، برئيس المجلس الأعلى للجماعات الترابية في جمهورية مالي، دياكيتي ساتيغي مامادو، الذي يقوم بزيارة عمل رسمية للمملكة. وقد شكل هذا الاجتماع مناسبة لتجديد التأكيد على عمق العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين، والتي ترتكز على إرث حضاري مشترك ورؤية سياسية واضحة تقوم على التعاون، التضامن، وتبادل الخبرات بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين.

وخلال المباحثات، أبرز لحسن حداد المكانة الخاصة التي تحتلها مالي في السياسة الإفريقية للمغرب، مشددا على أن العلاقات بين البلدين ليست مجرد تعاون دبلوماسي، بل هي امتداد لعلاقات إنسانية وثقافية ضاربة في التاريخ، تعززت عبر عقود من الشراكات المتعددة. وأشار إلى الجهود المتواصلة التي تبذلها المملكة، تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس، لدعم السلم والاستقرار والتنمية في القارة، مؤكدا أن المغرب ظل دائما مناصرا لقضايا شعوب الساحل، وساعيا إلى تعزيز قدراتها على مواجهة التحديات الأمنية والتنموية.

وتوقف حداد عند المبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل وصول دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، مبرزا أن مالي تشكل فاعلا محوريا في هذا المشروع الاستراتيجي، الذي من شأنه إعادة رسم ملامح التنمية الاقتصادية في المنطقة وفتح آفاق جديدة أمام الدول غير الساحلية. واعتبر أن هذه المبادرة تعتبر رؤية متكاملة تهدف إلى تحقيق اندماج إقليمي يخلق فرصا اقتصادية ويعزز الأمن والاستقرار.

كما قدم نائب رئيس مجلس المستشارين عرضا مفصلا حول التجربة البرلمانية المغربية، مبرزا خصوصية تكوين مجلس المستشارين الذي يضم أعضاء يمثلون الجماعات الترابية والغرف المهنية وممثلي المأجورين، ويتم انتخابهم لولاية مدتها ست سنوات. وأوضح أن هذه البنية المؤسساتية تعكس إرادة المغرب في تكريس الديمقراطية التشاركية، وإعطاء مكانة محورية للفئات المهنية والجهوية في صناعة القرار الوطني. وأشار أيضا إلى التطور الكبير الذي عرفته المجالس الترابية ودورها المتعاظم في التنمية المحلية وتعزيز الحكامة الترابية، باعتبارها فضاء يعكس القرب من المواطن ويجسد روح اللامركزية المتقدمة.

ومن جانبه، عبر دياكيتي ساتيغي مامادو عن تقدير بلاده العميق للدعم المتواصل الذي يقدمه المغرب لمالي، سواء في المجالات التنموية أو في مواكبة مسارات الاستقرار السياسي والمؤسساتي. وأشاد بالجهود المبذولة في إطار شراكة قائمة على الاحترام المتبادل والرغبة الصادقة في تعزيز التعاون جنوب–جنوب، مؤكدا أن توجيهات قائدي البلدين تتيح فرصا واسعة للارتقاء بهذا التعاون نحو آفاق أكثر عمقا وفعالية.

وأكد المسؤول المالي أن بلاده تتطلع إلى الاستفادة من التجربة المغربية الغنية، ولا سيما في ما يتعلق بالإصلاحات السياسية والمؤسساتية التي خاضتها المملكة خلال السنوات الأخيرة، والتي جعلت منها نموذجا يحتذى به في المنطقة. واعتبر أن الدينامية الإصلاحية التي يشهدها المغرب في مختلف المجالات – من تعزيز اللامركزية، إلى النهوض بالحكامة، وصولا إلى توسيع فضاءات المشاركة السياسية – تشكل مصدر إلهام بالنسبة لبلدان تسعى إلى بناء مؤسسات قوية وفعالة.

وبدا واضحا من خلال هذا اللقاء أن العلاقات المغربية–المالية تعيش مرحلة ترسيخ وتطوير متواصلين، وأن البلدين حريصان على تعزيز الشراكة القائمة بينهما بما يخدم الاستقرار والتنمية في المنطقة. كما تؤكد هذه المباحثات أن التعاون جنوب–جنوب، كما يراه المغرب، هو خيار استراتيجي يترجم عبر مبادرات ملموسة، وتبادل مستمر للخبرات، وبناء شراكات تقوم على الثقة والاحترام المتبادل.

وتبرز زيارة المسؤول المالي إلى الرباط ضمن مسار مستمر من التنسيق والتشاور بين البلدين، يعكس رغبة الجانبين في استثمار الرصيد المشترك لبناء مستقبل يقوم على التنمية المستدامة، وتعزيز المؤسسات، وفتح آفاق جديدة للتعاون في المجالات البرلمانية والاقتصادية واللوجستية والأمنية. وهي خطوة أخرى نحو تكريس نموذج للتعاون الإفريقي-الإفريقي القائم على التضامن الفعلي والمصالح المشتركة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.